الأحد، 1 يناير 2012

الإمام الشعراني: يجوز الإنكار على الولي باللسان حفظاً للشريعة

قال سيدي عبد الوهاب الشعراني في كتابه الفذ: المنهج المطهر للجسم والفؤاد من سوء الظن بالله أو أحد من العباد 



ومما أجبت به عن العالم الكبير الذي يقول لأصحابه: إياكم أن تجيبوا عن الصوفية بالكلية فيحصل بذلك ضرر شديد، ولكن أجيبوا عن بعض دون بعض. فقال قائل: كيف ذلك؟! بل الحق أن يجيب عن كلهم ما أمكن، فإنهم كلهم أئمة أخيار


والجواب: أن الحق والأولى الجوابُ عن بعضهم، لا عن كلهم ممن كان قليلَ الذوق لأحوالهم، لئلا يكلف نفسه شططا؛ كما أن الحق والأولى الجواب عن جميعهم لمن أعطاه الله تعالى الذوق لأحوالهم والملكةَ في الجواب عنهم كما فعلت أنا في هذا الكتاب بالنسبة إلى من هو دوني في الذوق، اللهم إلا أن يترتب على الجواب ضرر في الشريعة، فإن الإنكار حينئذ على ذلك الولي أولى نصرة للشريعة، ويجعل اللوم على ذلك الولي الذي يتكلم بما يخالف ظاهر الشريعة، ولكن ينبغي للمنكر أن يقول بقلبه ولسانه: دستور يا سيدي الشيخ أُنكرُ عليك في قولك كذا وكذا –سواء أكان حيًا أم ميتًا— خوفًا أن يَضِلَ بقولك أحدٌ من الخلق فتصير في حكم الأئمة المضلين، ثم ينكر عليه بعد ذلك. ثم إن كان ذلك الرجل وليًا في نفس الأمر فهو يفرح بذلك الإنكار ويشكر فضلَ المنكر عليه، وإن كان غير ولي فلا حرج علينا في الإنكار عليه. 

وتأمل يا أخي ابن أبي الحرازم شيخ أبي الحسن الشاذلي لما أنكر على الإمام الغزالي كيف ضرب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بالسياط حتى صار أثره على جسمه إلى أن مات، ولو أنه كان قال: دستور يا إمام أنكر عليك من كلامك ما يُخاف على الناس فهمه لما ضرب بالسياط.
انتهى
وهذا يوافق جملة من أقوال سيدي أحمد زروق رضي الله عنه في قواعد التصوف. كما أنه ملمح إصلاحي عام. ولا ينصرف أثر هذا الكلام إلى الإنكار على ولي معين أو كلام معين، بل فائدته هي إعادة بناء عقلية الصوفي بالسلوك بها مسلك الاعتدال والقصد والتوسط لكي لا يكون مقلدا محضاً ولا متعصبا لقول لا يتضح عليه دليل من الشرع. نعم لا شك أن احترام جميع الأولياء واجب، ولكن قد يتعرض الصوفي لسؤال في محفل عام عن شيء ظاهر المخالفة للشريعة فلا ينبغي له حينئذ سوى تقرير الشرع في نفسه وألا يشتط في الدفاع عما يخالف ظاهر الشريعة فينفر الناس من التصوف وأهله.