الخميس، 29 مارس 2012

السلفيون والادعاء الكاذب




لماذا السلفية مذهب مفلس؟

قبل أن أجيب على السؤال أود الاعتذار لمن قد يصدمه كلامي ولكن لعله يقرأ بعقل واع وقلب مفتوح فيعذرني إن لم يجد في كلامي ما يحمله على تغيير رأيه أو إعادة النظر فيه. هذا مع أنني لم أقصد أن تكون هذه المقالة جامعة أو حاوية لكل ما يمكن أن أقوله في هذا الصدد

بداية نوضح لمن لا يعرفون الأمور معرفة كافية أن ليس كل انتساب لأمر محمود يثبت صحة الانتساب، فليست نسبة السلفيين إلى السلف تعني صحة نسبتهم إلى السلف، وليس انتساب الشيعة إلى سيدنا علي بن أبي طالب تعني صحة نسبتهم إليه. وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم في وصف الخوارج أن ظواهرهم أشد التزاما بالواجبات الشرعية من الصحابة أنفسهم فقال صلى الله عليه وسلم "تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم" بمعنى أن الصحابي قد ينظر في صلاته وهي بالقطع أجود وأرجى للقبول عند الله من صلاة الخارجي ثم ينظر في صلاة الخارجي فيحتقر صلاته بالمقارنة مع صلاة الخارجي.

هذا مبدأ مؤسس لطريقة تعامل المسلم مع من هو في ظاهره أشد التزاما بالأوامر الشرعية فليس كل التزام ظاهر يقتضي التزاما باطنا، وقد قال تعالى "وذروا ظاهر الاثم وباطنه". ومع أننا قد نكون مقصرين في التزام بعض المظاهر الإسلامية فلا يستتبع ذلك منا أن نسلم عقولنا لأناس يستنكف كثير منهم أن يطلق لفظ السيادة في حق النبي متشبهين بالخوارج الذين سووا أنفسهم بصحابة النبي صلى الله عليه وسلم بل وفضلوا أنفسهم عليهم انخداعا بأعمالهم، ولن نسلم عقولنا لأناس يقتاتون من موائد التصوف في دروسهم ثم ينكرون على الصوفية جملة وتفصيلا (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها).

ولن نسلم عقولنا لأناس أخذوا في تحطيم الروح الدينية التقليدية لشعب مصر عبر قرن من الزمان بمعاول الهدم والتشويه وتزوير الحقائق تزويرا صارخاً وسعوا في اغتيال تاريخ وسير كبار الأولياء كالسيد أحمد البدوي والسيد إبراهيم الدسوقي والإمام الشعراني كما اغتال عبد الرحمن بن ملجم الخارجي سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وسعى أصحابه في اغتيال سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، ويحرمون زيارة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعون القرب من النبي والتزامهم بسنته ويظنون أن شيئا من القرب من جناب النبي صلى الله عليه وسلم يُنال بجفاء سيدنا الحسين بن علي حبيب النبي صلى الله عليه وسلم أو السيدة زينب رضي الله عنها أو عقبة بن عامر الجهني البدري رضي الله عنه فضلا عن بقية آل البيت والصحابة المدفونين فلي مصر.

طيب أنتم تعلمون أن أبا مسلم الخولاني أدخله الأسود العنسي في النار فلم تؤذه، وأن صلة بن أشيم العدوي دعا على رجل فمات في مكانه، وأن سعيد بن المسيب كان يسمع الأذان من قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأن هذه الأمور ظهرت وعرفت في عصر السلف الصالح. كما تعلمون أن من ادعى نسبة فعليه البينة في ادعائه، فإن هذه الأمور الخارقة التي روى ابن رجب الحنبلي السلفي كثيرا منها في كتابه جامع العلوم والحكم صارت كالقانون للسلف الصالح رضي الله عنهم. ونحن نعلم قطعاً أن شيئا من هذا لم يظهر فيكم، وأن أشياء من هذا كانت شائعة بين الإخوان المسلمين في أجيالهم الأولى التي كانت أجيالاً حريصة على تصوفها وعلى محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وعلى التزام أوراد الشاذلية وربما غيرها من الأوراد الصوفية.

ولما كانت الكرامة تعريفاً هي خارقة يظهرها الله على من يشاء من عباده تأييداً له في دعوة صلاحه، ولما كان وفاضكم خاليا منها ومما هو أعلى منها، فقد علمنا من هذا خطأَ نسبتكم إلى سلفنا الصالح وأن الله تعالى أعراكم مما كساهم به من حلل الكرامة والتأييد.

ولما كان الأمر هكذا علمنا أن طريق الصلاح ليس طريقكم، وأن محبة الله شيء غير ما تدَّعون، وأن القرب من النبي صلى الله عليه شيء غير ما تتوهمون وأنكم إذا أصبتم منه قدرا فلم تصيبوا منه إلا مظاهره

لذا حذرنا الناس من الانخداع بكم فيصيروا كمن طال عليهم الأمد فقست قلوبهم لافتقادهم المعنى الحقيقي للصلاح وتوارى معنى التقوى وضيعه العامة بفعل انخداعهم بهؤلاء الأدعياء، وانمحقت البركة من حياة الناس ومن أرزاقهم ومن دينهم. (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد). والسلام على أهل القلوب والأفهام