الأحد، 8 يناير 2012

من أصول الوسطية والإحسان: الفتوة

ن أصول الوسطية والإحسان: الفتوةl

تستحضر الوسطية والإحسان ورجالها معاني الفتوة الصوفية التي سطرت سطورا منيرة في تاريخ المجتمعات الإسلامية حتى صار إمام كبير من أئمة التصوف أشهر من لقب بها ألا وهو سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه. وبعد أن لاحت بشائر التأييد الغيبي للوسطية والإحسان فإن من المهم أن نبسط معنى الفتوة الصوفية التي هي عماد منهج الوسطية والإحسان في العمل الاجتماعي والإصلاحي.

ومركز معاني الفتوة هو إنكار الذات وهضم النفس، فإنكار الذات حتى تصير كالنكرات عمدة العمل لأن العمل الجماعي يشتمل ضرورة على رائحة الرئاسة والظهور فإن تقويم النفس ذات النزوع الطبيعي لهذه القواطع والعوارض والقوادح في طريق العمل الصوفي أمر لازم. ومن هذا الفهم لطبيعة العمل الخيري يأتي بعث الوعي بالفتوة ومفاهيمها، لأن الفتوة هي أخص ما يرد على الذهن عند الحديث عن فكرة الوسطية والإحسان الساعية لإصلاح النفس والغير في الوقت نفسه، وإصلاح الفرد والجماعات في الوقت نفسه، وإصلاح الصوفية وغير الصوفية في الوقت نفسه. والوسطية والإحسان كما جاء في بيانها التأسيسي الذي ما زال قيد الصياغة تمد يدها للجميع ولا تنازع أحدا ولا تتنافس مع أحد إلا بالقدر المفهوم من قوله تعالى (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) وفي قوله تعالى (يسارعون بالخيرات).

ولا شك أن لإنكار الذات دوراً عظيماً في صلاح العمل وورود المدد الرباني، فالوسطية تقتضي الذوبان في الإخوان والتخفي في الخلان. فلا ينسى الوسطي الإحساني إلا نفسه، أما تذكره لغيره دائم وهو عن حظ نفسه صائم. اللهم آمين. فحقيقة الوسطية نبي وأمة: (محمد رسول الله) نبي (والذين معه) أمة، بلا تمايز بين أفرادها.

ثاني المعالم: تحمل الأذى كما قال السيد أحمد البدوي رضي الله عنه لسيدي عبد العال رضي الله عنه: طريقتنا مبنية على حفظ العهود وتحمل الأذى. وهذا هو منهجنا في العمل مع الأفراد والجماعات على حد سواء. نشاركهم في العمل ولا ننافسهم في الأمل، نمتاز عنهم بعدم التميز، ونلتمس للكل العذر مع عدم رؤية الفضل. إن عاونونا فقد حلوا أهلا ونزلوا سهلاً، وإن نازلونا سترنا عليهم وأصلحنا منهم بإتباع السيئة الحسنة فتمحوَها. (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).

وقد أجمل القول وأحسنه سيدي أبو عبد الرحمن السلمي وأحسنه بهذا النقل المبارك عن أحد العارفين، ولعله هو القائل ولكنه تحلى بأخلاق الفتيان فنسبه لغيره:

قال رضي الله عنه:

" سئل بعضهم من يستحق اسم الفتوة ؟

فقال : من كان فيه اعتذار آدم ، وصلاح نوح ، ووفاء إبراهيم ، وصدق إسماعيل ، وإخلاص موسى ، وصبر أيوب ، وبكاء داود ، وسخاء محمد ، ورأفة أبي بكر ، وحمية عمر ، وحياء عثمان ، وعلم علي ، ثم مع هذا كله يزدري نفسه ، ويحتقر ما هو فيه ، ولا يقع بقلبه خاطر مما هو فيه أنه شيء ، ولا أنه حال مرضي ، يرى عيوب نفسه ونقصان أفعاله وفضل إخوانه عليه في جميع الأحوال".
فهذا هو الدستور والعمل: (فسيرى اللهُ عملكم وررسوله والمؤمنون).

ولكل خصلة من هذه الخصال الشريفة ما يناسبها من الكلام ولكنها واضحة في التعريف غالية في التشريف والله تعالى الموفق والمستعان.

وسطي إحساني 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق